المشاركات

ثم أما بعد

مع إعلان نتائج الانتخابات الأولى لمجلس الشورى في قطر تنتهي المرحلة الأولى من تجربة سياسية جديدة تنتقل معها البلاد إلى نموذج تشريعي جديد، مرت الانتخابات بمراحلها المختلفة وبما احتوت من حوار مجتمعي وتصورات مختلفة للتغيير المرتقب مع المجلس المنتخب، ولكن يبقى السؤال، ماذا بعد؟ التحديات الحقيقية في هذه التجربة تبدأ الآن، فبعد أن يعين صاحب السمو أمير البلاد المفدى الثلث المتبقي من أعضاء المجلس ينتظم عقده مع افتتاح دور الانعقاد، ويبدأ التفاعل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بشكله الجديد، هذه التحديات يمكن تصنيفها على مستوى الحكومة والمجلس والناخب، أما الحكومة فلا شك أن هناك منحنى تعليمياً ستمر به الطبقات الإدارية المختلفة مع تعزز الدور الرقابي للمجلس وخروج مداولاته إلى العلن، كثير من الإجراءات التي كانت تتم دون أن تجد طريقها إلى نقاش في الحيز العام ستصبح اليوم حديث الشارع، هذا الأمر سيكون له تأثير على أداء الجهاز البيروقراطي وتعامله مع أمور روتينية في الدورة التشريعية، ثقافة التعامل مع مجلس منتخب بدور رقابي تمثل تحدياً للمسؤول الحكومي يرتبط بتغير ثقافي وسياسي على المستويين الشخصي والمؤسسي.

“أوكيس” طعنة ثلاثية في الظهر الفرنسي

في الثالث من يوليو عام 1940 فوجئ الأسطول الفرنسي في ميناء المرسى الكبير في الجزائر بهجوم بريطاني مباغت، بعد ساعات قليلة هدأ صوت المدفع وهدير الطائرات ليكتشف الفرنسيون خسارة 1297 من البحارة وغرق سفينة وإعطاب ٥ أخرى، جاء هذا الهجوم بعد استسلام فرنسا لقوات ألمانيا وإيطاليا وتوقيع اتفاقية سلام معها، وعلى الرغم من تأكيدات الأدميرال فرانسوا دارلان أنه لن يسلم الأسطول الفرنسي لحكومته المتصالحة مع ألمانيا إلا أن وينستون تشرشل وحكومته وجدوا أن ترك الأسطول بهذا الشكل مغامرة لا يمكن القبول بها، كانت هذه الخسارة الفرنسية الأكثر إيلاماً في الحرب بعد سقوط باريس، وظلت العلاقات الفرنسية البريطانية في حالة توتر حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بل وحتى رحيل شارل ديغول الرئيس الفرنسي الذي كان في لندن يلقي بيان المقاومة الأول فيها قبل شهر من الحادثة، ديغول منع بريطانيا من دخول اتحاد الفحم والحديد الأوروبي وخلفه التجمع الاقتصادي الأوروبي، ولم تدخل بريطانيا النادي الأوروبي الذي جاءت الدعوة لتأسيسه من تشرشل نفسه إلا عام 1973 بعد تولي بومبيدو رئاسة فرنسا. هذا السرد التاريخي يعود بالأذهان إلى حقبة صعبة تم

تراجع الأحزاب الإسلامية السياسية وصعود الحركات المسلحة

شهدت السنوات الأخيرة تحولاً هادئاً ومهماً في العالم الإسلامي، يتعلق بمكانة الإسلام السياسية، كان الإسلام وسيظل مركزياً ومحورياً في الحياة العامة في معظم دول العالم الإسلامي، ولكن صعود نجم الأحزاب الإسلامية في دول وأفوله في دول أخرى هو نتيجة إعادة تموضع للإسلاميين أنفسهم، وتغير الخريطة السياسية في المنطقة بشكل عام، أبرز التحولات نشهدها في تراجع شعبية النهضة في تونس والعدالة والتنمية في تركيا حسب استطلاعات الرأي المختلفة، وخسارة حزب العدالة والتنمية المغربي المدوية في الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى تراجع ملحوظ لتأثير الأحزاب الإسلامية في عدد من الدول الآسيوية مثل باكستان وماليزيا وإندونيسيا، في المقابل حركة حماس في غزة وطالبان في أفغانستان تتزايد مركزيتهما في الحالة السياسية في فلسطين وأفغانستان إلى حد تحول الأولى إلى اللاعب الأهم فلسطينياً مع تراجع فتح والثانية إلى الحاكم الفعلي للبلاد بعد سقوط كابل، فهل نحن في زمن تراجع الإسلاميين أم صعودهم؟. التراجع الملحوظ لأحزاب الإسلام السياسي في عدد من الدول الإسلامية يرتبط بمجموعة من العوامل، أهمها هو اختبار هذه القوى في السلطة أو حولها خلال ال

العقبات أمام اعتراف دولي بطالبان

رغم التباين بين القوى الدولية والإقليمية حول التعامل مع حالة الأمر الواقع في أفغانستان إلا أن الجميع يبدو متفقاً على أنه من المبكر الحديث حول اعتراف رسمي بسلطة طالبان، على الرغم من أن بعض الدول بدأت فعلياً في التواصل والتعامل مع طالبان على الأرض إلا أن مسألة الاعتراف مازالت غير مطروحة على ما يبدو، صحيح أن طالبان لم تشكل حكومتها بعد ولم تبسط سيطرتها على كامل التراب الأفغاني مع بقاء ولاية بانجشير خارج سلطتها إلا أنه من الواضح أن أي شكل للسلطة تفرزه المشاورات الحالية سيكون بقيادة طالبان، إذن ما هي المعوقات أمام الاعتراف بحكم طالبان؟ المعوق الأول يكمن في واقع أن جميع الأطراف تجد في الاعتراف ورقة تفاوض مهمة مع طالبان لا ينبغي الاستعجال في استخدامها، الصين مثلاً والتي كان لها عصا السبق في التفاوض اقتصادياً مع طالبان ستجد نفسها في وضع مواجهة مع الغرب لو اعترفت أولاً بحكم طالبان، كما أنها من خلال تأخير الاعتراف يمكنها الحصول على ميزات تفاوضية أكبر خاصة وأن طالبان حالياً لم تضع الاعتراف شرطاً للتعاون مع الصين أو غيرها، القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن ستحاول الضغط على طالبان من خلال تأخير الاعتر

بين كارتر وبايدن، هل يعيد التاريخ نفسه؟

في نوفمبر من عام 1976 انتخب الأمريكيون الديموقراطي جيمي كارتر رئيساً بعد فترة من أصعب وأحلك الفترات في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية في واشنطن، خلال السنوات التي سبقت وصوله للبيت الأبيض مرت الطبقة السياسية الأمريكية بأزمة غير مسبوقة نتيجة فضيحة واترجيت والتي نتج عنها استقالة الرئيس نيكسون وتولي جيرالد فورد نائبه الرئاسة والذي تولى السلطة بدوره خلال أزمة اقتصادية خانقة ولم يفلح في العودة منتخباً إلى البيت الأبيض ليكون الرئيس الوحيد الذي لم ينتخب لمنصب الرئاسة في التاريخ الأمريكي المعاصر، اختار الأمريكيون كارتر الذي كان يمثل صورة عكسية لنيكسون، وعد كارتر الأمريكيين بأنه لن يكذب عليهم أبداً، ودعا إلى إصلاح البيئة السياسية في واشنطن والتحول بالسياسة الخارجية الأمريكية نحو دعم حقوق الإنسان والسياسة الداخلية نحو تعزيز الرعاية الاجتماعية وكبح جماح وكالة الاستخبارات المركزية، باختصار مثل كارتر بديلاً أخلاقياً بعد فضائح نيكسون. بعد توليه الرئاسة حاول كارتر عبثاً إصلاح الاقتصاد والطبقة السياسية والتحول نحو سياسة أخلاقية في الداخل والخارج، تفاقمت الأزمات الاقتصادية خلال فترة حكمه ووصلت إلى

تطبيع طالبان

بعد أكثر من أسبوع من انهيار الحكومة الأفغانية وسيطرة طالبان على كابل لا يتبقى إلا ولاية بانشير منفردة خارج سيطرة الحركة، وعلى الرغم من إعلان نائب الرئيس السابق توليه السلطة دستورياً وتهديد نجل أحمد شاه مسعود بمواجهة عسكرية طويلة، إلا أن السيناريو الأقرب هو أن طالبان قادرة منفردة على بسط نفوذها وتشكيل سلطة جديدة تكون الكلمة الفيصل لها في تركيبتها وشخوصها، ومع نهاية المعركة داخلياً يبقى السؤال قائماً حول إمكانية تطبيع طالبان وتحويلها لقوة سياسية مقبولة في السياق الدولي، فهل الطريق ممهد أمام الحركة لتحقيق الاعتراف الدولي؟ منذ سقوط كابل أظهرت حركة طالبان درجة عالية من ضبط النفس، تستمر عملية الإجلاء من مطار كابل دون تدخل من الحركة، الاجتماعات مستمرة مع قيادات حكومية كانت تقود المعركة مع طالبان في وقت ما، والرسائل التطمينية حول حقوق الإنسان والمشاركة الشعبية والحكم التشاركي تستمر من قادة الحركة، الإدارة الأمريكية المتورطة في فشل خطة الإجلاء وسرعة انهيار القوات الحكومية تخرج كل يوم بتصريحات تتأرجح بين تهديد طالبان برد فعل في حال أرادت العودة بالبلاد لشكل الحكم الطالباني السابق وقبول ضمني بسلط

العودة إلى ٢٠٠١

في مشهد سريالي دخلت قوات طالبان العاصمة الأفغانية كابول دون أي مقاومة تذكر، وتحول المشهد خلال ساعات قليلة من تقييم بأن أفغانستان ستكون تحت سيطرتهم خلال 6 أشهر إلى الحديث عن مفاوضات حول سلطة انتقالية إلى مفاوضات لتسليم كابول إلى إعلان طالبان سيطرة كاملة على العاصمة وكل ذلك دون مواجهات حقيقية على الأرض، تماماً كما حدث عام 2001 حين قررت قيادة طالبان الانسحاب من كابول تاركة عشرين مقاتلاً في إحدى حدائق المدينة، تكرر المشهد ليلة البارحة لتعود عقارب الساعة عشرين عاماً إلى الوراء. تشابه المشهد بين 2001 و 2021 كبير، فكما كان الحال آنذاك سقطت مزار شريف أولاً وفتحت السجون ثم حوصرت كابول لتسقط دون مقاومة تذكر، في 10 نوفمبر 2001 سقطت مزار شريف بيد تحالف الشمال والتحالف الدولي بعد معارك ضارية وبعد فشل استعادة المدينة من قبل طالبان اتجهت القوات المدعومة بالقصف الأمريكي إلى كابول في 12 نوفمبر وسرعان ما غادرت قوات طالبان إثر ما وصف حينه بأنه قرار اتخذ لحقن دماء الأفغان، ولكنه كان كذلك فرصة لمقاتلي الحركة لضمان بقائها فالمعركة كانت انتحارية، المفارقة طبعاً هي الفرق المهول بين التحالف الدولي الذي أمن سقو